إن لبدنك عليك حق
الطهارة وتحريم ارتياد العرافين
على المسلم في كل ساعة من عمره أن يسعى نحو الكمال ، وأن يحث المسير إلى الارتقاء المادي والنفسي .
وقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرجل الحريص على نقاوة بدنه ووضاءة وجهه ونظافة أعضائه يبعث على حاله تلك وضئ الوجه ، أغر الجبين ، نقي البدن والأعضاء .
إن صحة الأجسام وجمالها ونضارتها من الأمور التي وجّه الإسلام إليها عناية فائقة ، واعتبرها من صميم رسالته ، ولن يكون الشخص راجحاً في ميزان الإسلام ، محترم الجانب إلا إذا تعهد جسمه بالتنظيف والتهذيب وكان مطعمه ومشربه وهيئته الخاصة بعيداً عن الأدران والأحوال المنفرة ، وليست صحة الجسد وطهارته صلاحاً مادياً فقط ، بل أثرها عميق في تزكية النفس ، وتمكين الإنسان من النهوض بأعباء الحياة . وما أحوج أعباء الحياة إلى الجسم القوي الصبور النظيف .
كرم الإسلام ( البدن ) فجعل طهارته التامة أساساً لكل صلاة (( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ، وإن كنتم جنباً فاطهروا ... )) الآية .
وقد أوجب الإسلام النظافة من الطعام ، فبعد أن ندب إلى الوضوء له ، أَمَرَ بأن يتخلص الإنسان من فضلاته وروائحه وآثاره ، وهذا أنقى للمرء وأطيب .
وعناية الدين بتطهير الفم ، وتجليه الأسنان ، وتنقية ما بينها لا نظير لها في وصايا الصحة القديمة والحديثة .
قال الرسول : ((تسوكوا فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ))
والأطعمة ذات الروائح النفاذة والآثار الغليظة يجب أن يحذر الإنسان منها .
ومن احترام الإسلام للفرد والمجتمع تحريمه على من أكل ثوماً أو بصلاً أن يحضر المجتمعات ذاك أن نتن الأفواه من هذه الأطعمة يؤذي المخاطبين وينفر من آكلها .
ويوصي الإسلام بأن يكون حسن المنظر كريم الهيئة وقد ألحق هذا الخلق بآداب الصلاة .
(( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل صلاة ))
وقد امتد هذا التطهير والتجميل من أشخاص المسلمين إلى بيوتهم وطرقهم فإن الإسلام نبه إلى تخلية البيوت من الفضلات والقمامات ، حتى لا تكون مرتع للحشرات ومصدر للعلل .
وإماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان ، وقد اعتبر هذا العمل الخفيف الجليل صدقة .
ففي الحديث : (( ..... بكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة ، ويميط الأذى عن الطريق صدقة ))
إن عناية الإسلام بالنظافة والصحة جزء من عنايته بقوة المسلمين المادية والأدبية ، فهو يتطلب أجساماً تجري في عروقها دماء العافية . ويمتلئ أصحابها فتوة ونشاط
وللجسم الصحيح أثر في تفاؤل الإنسان مع الحياة والناس ، ورسالة الإسلام أوسع في أهدافها وأصلب في كيانها من أن تحيا في أمة مرهقة ، موبوءة عاجزة . ومن أجل ذلك حارب الإسلام المرض ، ووضع العوائق أمام جراثيمه حتى لا تنتشر . وقد وفر الإسلام أسباب الوقاية بما شرع من قواعد النظافة الدائمة كما سبق ذكره .
ولا تنس أن البعد عن المعاصي حصانة كبرى من الأمراض الخبيثة .
وحرم الإسلام اللجوء إلى الخرافات في طلب الشفاء ، فإن لكل علم أهلاً يحسنونه ، ويجب الاستماع إليهم . أما الدجالون الذين يقتحمون أنفسهم فيما لا ينبغي لهم فلا يجوز لمسلم أن يقصدهم أو يصدق مزاعمهم .
ومع ذلك فإن طلب الحجب المكتوبة والتعاويذ المسحورة تلقى بين العامة رواجاً ! وقد عدها الإسلام ضرباً من الشرك .
ومن وسائل الوقاية التي شرعها الإسلام ( قضاء الحاجة في أماكن معزولة ) حتى لا يتلوث بها ماء ولا يتنجس طريق أو مجلس